الانسان يتحصن بارادته ضد هجمات (الاعداء) سواء من داخل نفسه أم من خارجها ..والحصن لايكون منيعا إلا إذا تفحصناه بدقة لنرى إن كانت هناك ثغرة ينبغى سدها أو نقطة ضعيفة يتعين تقويتها ....وإلا أصبح الحصن كله مهددا من أى ثغرة أو من أضعف نقطة
اكتشاف الثغرات يأتى أول شىء ...فهى عملية تفتيش فى غاية الاهميه ...تاتى بعدها عملية سد الثغرات أو تقوية وتدعيم نقاط الضعف فى أسوار الحصن
الانسان منا كائن معقد التركيب .....وإذا لم نحسن التعامل مع هذه التركيبه المعقدة فاتتنا أشياء ...وأخطأنا فى أشياء وأتلفنا أشياء..وفى الجملة لم نحقق غاياتنا ولم ندرك أهدافنا ....وأهم أداواتنا لتحقيق غايتنا وإدراك أهدافنا فى الحياة
هى الارادة التى هى كأسوار الحصن من ناحية ،وكالمظلة الواقية من المطر أو أشعة الشمش الحارقة من ناحية أخرى ....فإذا لم تظلنا بالكامل فلن تكون الحماية فعالة
وإذا طبقنا هذا تطبيقا عمليا فلسوف نجد أن أى انسان تحميه إرادته فى مواطن معينة تكون فيها كالديدبان اليقظ .وفى مواطن أخرى نجدها كالحارس غير اليقظ أو الثملان ، وفى بعض النقاط لانجدها أصلا ، وأقتحام الحصن من النقاط التى حارسها نائم أو غير موجود من أسهل مايكون
ولنأخذ مثالا بالاكل ..فهناك أشخاص إرادتهم حاضرة يقظة بالنسبة لتناول الطعام فلا يسرفون فى الاكل ولاتمتد أيديهم إلى أصناف معينة منه مهما قيل لهم أنها خفيفة وأشخاص أخرون تجد إرادتهم بين بين ...فهم ..فهم لا يستطيعون مقاومة بعض الاصناف إذا قيل لهم إنها خفيفة !برغم علمهم أنها ليست كذلك تماما !! وهناك أشخاص لا أرادة لديهم البته أزاء الطعام ...فهم يقبلون علية بنهم شديد ..... والاشارات كلها مفتوحه
وإذا كنا أخذنا الاكل كمثال ، فأقول إن الشخص من الفئة الاولى ( الممتازه ) ليس بالضرورة ممتاز فى ناحية أخرى من نواحى الحياة ....إذا تجد إرادته فى ناحيه منها ضعيفة أ غائبة ....إزاء التدخين مثلا ...فهو يدخن السيجار ( كما يقولون ) وهو لابد يعلم بأضرار التدخين ومخاطرة المؤكدة على صحة الانسان كلها ولكنه يغض الطرف عن ذلك ، ويستمر فى التدخين وليكن مايكون .. وهذا الشخص إذا كانت أرادته تحميه من مخاطر الاسراف فى الطعام فهى
غائبة أو مغيبة عمدا عن مجال التدخين ....فهنا ثغرة فى أسوار الحصن ..ويمكن للخطر أن يأتيه من هذه النقطة ...وإذا دخل الخطر من نقطة معينة فالحصن كله أصبح مهددا برغم وجود نقاط حصينة فيه .. هذا ما أود قوله : أن أى نقطة ضعف أو ثغرة فى التحصينات ، تجعل الحصن تحت رحمة ألأعداء الذين يبحثون ...ويلفون ويديرون حوله لاكتشاف مثل هذه النقطة أو الثغرة لينفذوا منها ويقتحموا الحصن .....ومثل ذلك سدود ألأنهار المعرضة للفيضانات .. فالماء المتدفق يبحث عن أى نقطة واطئة لينفذ منها ويغرق المنطقة باكمالها
لذلك فالانسان لكى يسلم له أمره كله ، عليه أن يقوم بعملية تفتيش ليرى أين تكمن نقاط الضعف فى نظامه الا ارادى وأين توجد الثغرات ...فإذا حدد مواضعها ووضع يده عليها ،بدأ على الفور فى تنبيه هذا النظام إلى أن يمد مظلته الواقية إلى هذه النقطة أو تلك ....وباشر ذلك بكل مالديه من عزم وأصرار على تحصين نفسه فى كل المواطن والمواقف بلا هوادة وبلا تراخ ...وأن فشل مرة أعاد الكرة ...ولم يتوقف أو يتراجع أو يستسلم للفشل ...ففى مرة من المرات سوف ينجح ، وسوف يستمر النجاح إلى مالا نهايه ....والنجاح طعمه حلو ... أحلى بكثير من طعم الاكل - ومن النوم الطويل .....ومن الاستسلام لكل المغريات ألأخرى التى يرفع فيها البعض الراية البيضاء
وعندما ننجح فى مجال معين ويستقر معنا النجاح ونمضى فى طريقنا منتصرين على عوامل الضعف فينا ، فسوف نحس بنشوة تعطينا دافعا لنجاحات جديدة فى مجالات أخرى ........حتى نستكمل أسوار الحصن ..فتسلم لنا أنفسنا ،وتسلم لنا دنيانا و أخرنا فقد أدينا المهمة بنجاح وحققنا أغلى أهدافنا والتى تنتهى بنا إن شاء الله إلى دخول الجنة ، حيث لاقيود ولاحدود ...ولا ممنوعات ولا أثار جانبيه ولا محاذير ...ولا أعداء نتقيهم من داخل انفسنا أو من خارجها وحيث رغباتنا ومشتهياتنا لاسقف لها ولا ضرر منها (هذا ذكر وأن للمتقين لحسن ماب . جنات عدن مفتحة لهم الأبواب .متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثير وشراب . وعندهم قاصرات الطرف أتراب . هذا ماتوعدون ليوم الحساب .إن هذا لرزقنا ماله نفاذ ) صدق الله العظيم سورة ص
على أن هناك نقطة أحب ان أنبه إليها قرائى ألأعزاء وقارئاتى العزيزات ... وهى أننا أحيانا نبدى حماسا لتفعيل الارادة إزاء شىء معين .. كالاكل ( مرة اخرى ) فإذا جلسنا إلى مائدة الطعام ضربنا بالارادة عرض الحائط ونحيناها جانبا على وأقبلنا على التهام الطعام بحماس لايقل عن حماسنا السابق لتفعيل الارادة إزاء الطعام !!الحماس الذى نبديه قبل مواجهة الموقف ( أى موقف ) ينبغى أن يظل على ماهو عليه لدى مواجهة الموقف ...أما إذا فتر الحماس وتخاذلنا وبدلا من تفعيل الارادة عطلناها فاقول (ماهكذا تورد الأبل )! يجب أن نقاوم - باصرار - الاغراءات اللحظية وإلا فلا
سواء تعلق الأمر بلاكل أو باشياء أخرى كل منا أدرى بها ( فهناك أشياء لايمكن البوح بها علنا ) فإن كنا راغبين فى النجاح حقا وصدقا ، وضعنا فىأذهاننا أن نكون عند كلمتنا لانفسنا ( أو لغيرنا ) ساعة الاختبار ...فإن صمادنا وأجتزنا الاختبار العملى بنجاح ، كان ذلك مبعثا على الارتياح .. أن أنفسنا طوع أرادتنا نتحكم فيها ولا تتحكم فينا .. وأننا قهرناها لما فيه فائدتها ..هذا شعور أجمل مايمكن ..أن يحس الانسان بانه سيد نفسه وليس عبدا لها ..ولنزواتها
ورغباتها ..وشهواتها ..وجموحها ..فإذا ألجمناها وسيطرنا عليها كانت هى النفس المطمئنة التى تدخل الجنة (ياأيتها
النفس المطمئنة .أرجعى إلى ربك راضية مرضية . فادخلى فى عبادى . وادخلى جنتى ) صدق الله العظيم سورة الفجر
المحك إذن هو وقت الامتحان ..أمتحان الارادة ..فإن لم نتخاذل وتفتر عزيمتنا ، ونحبط إرادتنا بأنفسنا ..فهذا هو النجاح
د/ فتحى مرعى
جريده الاهرام
القاهرة فى 2002
فالارادة كنز عند اى انسان وحاجه ممكن ننميها ونكبرها بداخلنا لان الانسان الذى يقود نفسه بيكون ملك نفسه اما الانسان الذى تقوده نفسه بيكون طول عمره ذليل لها وهذه دعوه لكل منا لتفعيل الاراده بداخلنا ناحية كل شىء فى حياتنا لكى نشعر بالنجاح ونشعر اننا سادة انفسنا
نبضات